مليكة ملايكية
انطلق قطار ترامب نحو الموارد الحيوية والمعادن النادرة والثمينة في القارة الأفريقية، من منطلق عبارة كررتها كبريات وسائل الإعلام الأمريكية، مفادها، أن القادة الأفارقة الخمسة، أشادوا بالرئيس ترامب و شجعوه على الاستثمار في بلدانهم وتطوير مواردهم الطبيعية الوفيرة .
مشيرة للقاء الأربعاء (الأسود) أو ما سمي بلقاء ‘الفرص التجارية، الذي ضم ترامب و رؤساء كل من موريتانيا،وغينيا بيساو، وليبيريا،والسنغال، والجابون في مكتب البيت الأبيض.
ولعل هذا اللقاء واستطراد الرؤساء الأفارقة الخمسة – رغم الوقت القصير الممنوح لهم- في عرض مساحات بلدانهم وطبيعتها وعد سكانها، و تعداد المعادن والثروات وفصائل الحيوانات، مَن سرع في أن يتبنى الكابيتول كالبرق القيام بعملية تحيين لقائمة المعادن الخام، ويتم إدراج العديد منها، بما في ذلك النحاس والبوتاس والفضة واليورانيوم والسيليسيون والرصاص، وهي المتوفرة بكثرة في القارة الأفريقية، وما أسهلها، إن كان ترامب يركز على بلدان المحيط الأطلسي وينوي المقايضة مقابل تقديم مساعدات إنسانية (سخية) ،قد تتضمن إعفاءات جمركية.
إن الصورة الحالية برأيي، وإن كانت تبدو، كمن يرمي صنارته ليصطاد لؤلؤا ومرجانا، مقابل طعم بسيط قدمه للسمكة، إلا أنها قد تشمل في الواقع الجوانب الأعمق والأهم وهي تلك التي تتعلق بالإنعكاسات المباشرة وغير المباشرة على مسألة السلم والأمن في القارة الأفريقية.
ولابأس هنا أن أشير الى حدث فاتنا، ولكني سأستدركه ولو متأخرين، يتعلق باحتفاء النواب الأمريكيين مطلع الأسبوع بما بات يعرف بــ ‘يوم أفريقيا’، وتصويت الكوونغرس على مشروع قانون شامل، يعيد تنظيم برامج المساعدات ويتضمن إطلاق مبادرات الدبلوماسية التجارية مع أفريقيا، ومعالجة “أزمة التوظيف واستقطاب الكفاءات للإستفادة من طاقات الجاليات الأفريقية، وكذا دمج “قانون الهشاشة العالمية في الخطط الإقليمية، مع التركيز على ليبيا وموزمبيق ودول غرب أفريقيا الساحلية،وإعادة تفويض ‘مؤسسة تمويل التنمية الدولية’، و توسيع نطاق عملها وزيادة سقف محفظتها بنحو أربعة أضعاف، من 60 إلى 250 مليار دولار.
هذه البنود التي قد ينظر إليها على أنها تسهيلات للهجرة، أو تحسينات للظروف الإنسانية القاهرة التي تعيشها الجاليات الأفريقية في شوارع بلد العم سام، مثلما تعيشها في بلدان كبرى أخرى،تحتضن مقرات، ومؤتمرات لحقوق الإنسان، لا يجب ان نحجب عين الحقيقة عنها، لنرى كم أنها ستكون بداية لمرحلة أخطر، وأسخن، وأكثر تعقيدا، ستنعكس داخلها صراعات الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأوروبية والآسيوية الكبرى على الثروة والنفوذ، وصراعات البلدان الصغرى على حب الظهور لإثبات الكينونة، مهما كلف الأمر من حروب و دمار و فتن و دماء، سواء كانت لأصدقائهم أم للأعداء.
وأخيرا إن أفريقيا لا تحتاج إلى أكياس من الأرز أولقاحات ضد الملاريا، ولا تحتاج الى تأشيرات أو قنينات من كوكـــا كولا، إن بلاد الكولا والبن والذهب والألماس والنفط والغاز وجبال كليمنجارو و الأوراس، تحتاج الى الوحدة والقوة ومشاريع استراتيجية ضخمة، أسرع من برنامج خطة العام 2063 ، وتربط بسرعة البرق جن جن بجوهانسبورغ ، وجيبوتي بداكار.

